القائمة الرئيسية

الصفحات

درس الشخص مجزوء المعرفة الدرس الأول في الفلسفة

الشخص والهوية


المحور الأول: الشخص والهوية

مدخل للمحور:

يعتبر الحديث عن الشخص والهوية حديثا عن الذات أو الأنا، فمفهوم الشخص هو مجموع السمات المميزة للفرد الذي في اصله هو كيان نفسي واجتماعي في تشابه مع الآخرين، ومتميز عنهم في نفس الوقت. ولكن هويته ليست بمعطى جاهز، بل هي خلاصة تفاعل عدة عناصر (بيولوجية، نفسية، اجتماعية). مما ما يجعلنا نطرح إشكال الشخص والهوية على شكل أسئلة فلسفية وهي:
فما هو مفهوم الشخص؟ 

المواقف  الفلسفية للشخص والهوية:

جون لوك

اساس الهوية الشخصية هو الوعي والذاكرة وتلازم الفكر و الشعور

الهوية والشعور:

في نظر “جون لوك” فالشخص والهوية هما عنصران مترابطان، فهوية الشخص تتمثل في كونه كائنا عاقلا قادرا على التفكير والتأمل بواسطة الشعور بأفعاله الخاصة، بحيث لا يمكن الفصل بين الشعور والفكر، لأن الكائن البشري لا يمكنه أن يعرف بأنه يفكر إلا إذا تمكن من الشعور بذلك، وكلما امتد هذا الشعور ليصل إلى الأفعال والأفكار الماضية، الى وامتدت هوية الشخص لتشمل الذاكرة، لأن الفعل الماضي صدر عن  نفس الذات التي تدركه في الحاضر. إن هذا الشعور حسب لوك هو المشكل لهوية الشخص التي تجعله يشعر باختلافه عن الآخرين و يشعر بأنه هو هو لا يتغير. فمفهوم الشخص يعتبر مفهوما جوهريا بكونه كائن عاقل.

ديكارت ( انا افكر اذا انا موجود)

تتحدد هوية الشخص في محور الشخص والهوية من خلال التفكير باعتبار الانا جوهرا فكرا

ثبات الأنا:

يرى ديكارت أن وجود الانا كجوهر مفكر ماهية الانسان تسبق وجوده، اذا هناك انا ثابت الذي يتضمن هوية الشخص و يعتبر ايضا وجود الانا مرتبط بممارسة لفعل التفكير الذي هو من صفات النفس و ليس الجسد
فالرد يستطيع التفكير في الموجودات الماثلة أمام حواسه أو المستحضرة صورها عبر المخيلة، ولكنه يستطيع أيضا التفكير في ذاته و في نفسه و التي في حد ذاتها تفكر. و يسمى هذا التفكير وعيا وهو نفسه الذي اعتمده ديكارت في ” الكوجيطو” وخصوصا وعي الذات بفعل التفكير الذي تنجزه في لحظة الشك أي الوعي بالطبيعة المفكرة للذات التي تقابل عند ديكارت طبيعة الإمتداد المميزة للجسم.

الشخص بوصفه قيمة – المحور الثاني

المواقف الفلسفية  الشخص بوصفه قيمة:

إيمانويل كانط (مقاربة أخلاقية – الشخص بوصفه قيمة)

الشخص بوصفه قيمة أخلاقية مجردة

يرى كانط أن الشخص يستمد قيمته من كونه غاية لا وسيلة لغايات أخرى. حيث ينطلق كانط من فكرة اساسية، مفادها ان الانسان لا يكون شخصا الا اذا كان غاية في ذاته، فهو اكثر من معطى طبيعي، بل انه ذات لعقل اخلاقي عملي، يستمد منه قيمة اخلاقية مطلقة تتجاوز كل معطى مادي. ومن هنا فالانسان بوصفه ذات مفكرة لا يكتسب الا قيمة خارجية نفعية، وبالتالي لا يمكن ان يكتسب قيمة الا اذا ما تم النظر اليه كشخص وبوصفه ذات اخلاقية لها حقوق وواجبات.

توم ريغان (مقاربة حقوقية – الشخص بوصفه قيمة)

الشخص بوصفه قيمة أخلاقية حقوقية”

يؤكد طوم ريغان على ان قيمة الشخص تكمن في كونه مستشعر للحياة، وبهذا يحاول طوم تجاوز المعيار الاخلاقي الكانطي الذي لا يشمل بعض الحالات من الوجود مثل الجنين او المريض في حالة غيبوبة أو السجين. كما يؤكد طوم ريغان على ان كل ذات مستشعرة للحياة فهي جديرة بالاحترام والتقدير.
ومن هنا يمكن القول ان مقاربة كانط بوصف الشخص كقيمة اخلاقية مجردة و مقاربة توم بوصف الشخص قيمة اخلاقية حقوقية، هما مقاربتان فيهما نوع من التكامل و التمايز وليس تعارض.

جورج غوسدروف (مقاربة سوسيولوجية – الشخص بوصفه قيمة)

الشخص بوصفه قيمة اجتماعية”

يرى جورج غوسدروف أن الشخص يستمد قيمته ويحقق كماله الاخلاقي بالانفتاح على الغير. وينطلق جورج في بناء هذا التصور من التمييز بين الفرد و الشخص، بحيث ان الفرد يضع نفسه مقابل العالم وينغلق في طبيعته الخاصة اما الشخص فهو من يدرك ان وجوده يتحدد و يرتبط بالمشاركة والانفتاح.

استنتاج:

من خلال ما سبق يمكن القول أن الشخص يمتلك قيمة وذلك باعتباره غاية في ذاته لأنه كائن أخلاقي غير  خاضع للآخرين ويمتلك العقل ويستطيع التحرر من الميول والأهواء. هذه القيمة تسمو أكثر لحظة خروج الشخص من قوقعته وتجاوز أنانيته، وذلك بالانخراط داخل المجتمع والانفتاح على الآخرين.. إضافة إلى ذلك فقيمة الشخص تظل نظرية إذا لم تتأسس على قوانين داخل المجال السياسي، لتصبح ممارسة عملية، ثقافة واجتماعية، بحيث تحفظ كرامة الإنسان وتجرم كل اعتداء على حقوقه لاسيما المساواة والحرية. والسؤال الذي يبقى مطروح هو: إلى أي حد يمكن الحديث عن حرية الإنسان؟

الشخص بين الضرورة والحرية – المحور الثالث:

المواقف الفلسفية للشخص بين الضرورة والحرية:

باروخ سبينوزا

“الشخص خاضع والحرية مجرد اعتقاد وهمي”

الحرية مجرد وهم:

يؤكد سبينوزا فيما يخص الشخص بين الضرورة والحرية على ان لا وجود لحرية انسانية فالناس يعتقدون انهم احرار لانهم يكونون على وعي بما يقومون به، الا ان الحقيقة بخلاف ذلك فالناس يجهلون الاسباب الحقيقية لافعالهم. لذا فالشخص بين الضرورة والحرية حسب سبينوزا خاضع للضرورة ما دام محكوما بعوامل لا متناهية في العالم المحيط به. وهكذا فإن الشخص لا يكون حرا إلا بتكوين  فكرة متميزة عن عالم الضرورة، بحيث ان هذه الفكرة لا تعدو أن تكون سوى إدراك للأشياء وفق عالم الضرورة.

جون بول سارتر

“الشخص ذات حرة”

من دون حرية لا وجود للإنسان:

 من وجهة نظر جون بول سارتر فيما يخص الشخص بين الضرورة والحرية وبغية إعادة الاعتبار للشخص كمؤسس للمعنى في الوجود، عبر فعله الحر، وبنائه لاختياراته ومبادراته، يقر سارتر  باسبقية الوجود عن الماهية، اي ان الشخص يوجد اولا ثم يحدد ما سيكون عليه. انه مشروع يتحقق بشكل ذاتي، لامتلاكه القدرة على التجاوز و الارتماء في المستقبل المفتوح على ما لا نهاية من الامكانيات.
وحسب رأيه فيما يخص الشخص بين الضرورة والحرية يقول سارتر:” إننا لا ننفصل عن الأشياء إلا بواسطة الحرية.” فمن دون حرية لا وجود للإنسان.


تعليقات